الاثنين، 22 فبراير 2010

إيليا سليمان... الفيلم الذي يُخيف إسرائيل

كي تعرض فيلماً في إسرائيل، يجب أن يصدّق عليه «مجلس مراقبة الأفلام». لكن الرقابة والمنع الأساسيين يأتيان من الموزعين ودور العرض التجارية الإسرائيلية. هم يمارسون رقابة ذاتية سياسية، تلغي كلّ ما لا يستوي مع قيم إسرائيل الصهيونية، وهذا ما نسمّيه «تعاظم الفاشية في إسرائيل».... وآخر ضحاياها إيليا سليمان وفيلمه «الزمن الباقي».

يصعب طبعاً أن نجد منتجين يملكون الشجاعة للحديث عمّا يدور اليوم، في مناخ الحقد المتصاعد الذي يؤثر في جميع المناحي الحياتية. لكن المنتج الإسرائيلي آفي كلاينبرغر الذي عمل منتجاً مساعداً لفيلم «الزمن الباقي»، يملك تلك الشجاعة. كلاينبرغر يعيش آثار «الفاشية المتعاظمة» بنفسه، وفق ما يقول لـ«الأخبار». إذ يرى «الزمن الباقي» مُقصىً عن الصالات في إسرائيل، ولم تعرضه حتى الآن إلا أربع صالات فنّ وتجربة (سينماتيك)، أبرزها «سينماتيك تل أبيب». كلاينبرغر يقول إنّ الموزعين ودور العرض يتذرّعون بحجج تجارية واهية، مثل عدم قدرة الفيلم على تحقيق الإقبال الجماهيري. «أنتظر نجاح الفيلم تجارياً في «سينماتيك تل أبيب»، عندها سنرى ما سيقولون».

يروي الشريط قصة عائلة سليمان من عام 1948 حتى اليوم، مروراً بأهم المحطات التاريخية، وغنيّ عن القول أنّ الرواية تختلف كلياً عن «القيم الصهيونية الأساسية» («الأخبار» ٢٠/ ٧، و١٩/١٠، و٣٠/١١/٢٠٠٩، ثم ٢٩/١/٢٠١٠). يُشبّه الناقد يئير رافيه الأجواء اليوم بأجواء الثمانينيات التي أفرزت الانتفاضة الأولى. ويورد مثالاً عن فيلم شهير لعاموس غيتاي تناول قصة عمّال عرب يبنون البيوت لليهود ويشتاقون لأراضي آبائهم، ما أدى إلى تهميش غيتاي وإبعاده عن التلفزيون الإسرائيلي الرسمي، و«الشعور بالإسكات وقمع حرية التعبير والإنكار» بحسب قوله. والأجواء اليوم عصيبة ومتشجنة: جريدة «معاريف» تلغي نشر لقاء مع الممثل والمخرج محمد بكري («جنين، جنين»)؛ شركة «يس» للبثّ والإنتاج تتراجع عن عرض «الجنة الآن» لهاني أبو أسعد الذي لم يُعرض أيضاً في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام ١٩٤٨، وأمثلة أخرى لـ«يس» آخرها فيلم «يافا» لإيال سيفان الذي مُنع أيضاً داخل الخط الأخضر.

يقول كلاينبرغ: «هذا الجو ليس جديداً على الدولة. لكن الخطاب يختلف الآن، وخصوصاً منذ سطوع نجم أفيغدور ليبرمان. الناس لا يريدون أن تدعم المؤسسة أيّ أمر يخالف القيم الأساسية للدولة بوصفها دولة «يهودية ديموقراطية». انظر ماذا يحدث مع لجان القبول للبلدات اليهودية التي ترفض أن يسكن العرب فيها. هذه عنصرية مُقوننة بل أبارتهايد. أتوقع سَنّ قوانين تقيّد دعم الإنتاجات السينمائية لدى الصناديق الداعمة».

شنّت بعض الصحف هجوماً عنيفاً على إيليا سليمان. ولم تنشر معه أيّة حوارات، إذا استثنينا مجلة «عغبار هعير». لقد تجرأ مراسلها أفنير شبيط على نشر لقاء مع السينمائي الفلسطيني، مما جاء فيه: «لا أعتقد أنّ هناك مكاناً للمقارنة بين الدولة الصهيونية والنازية. إنها تذكِّر أكثر بالاتحاد السوفياتي ومعسكرات العمل والسّخرة التي أنشأتها». أثار الحوار حفيظة زبولون أورليف، رئيس لجنة التربية والثقافة في الكنيست الذي لم يتأخر ردّ فعله: «للأسف هناك مواطنون سابقون بمثابة طابور خامس، استغلوا الديموقراطية الإسرائيلية وميزانياتها لمحاربة إسرائيل بوصفها دولة يهودية. أتوقع من المؤسسات الثقافية أن تتحلى بالمسؤولية، وألا توفر منصة لمبدعين يعلنون رغبتهم في مناهضة شرعية دولة إسرائيل. لا علاقة للمسألة هنا بحرية التعبير، بل هي قضيّة التعاون مع أعداء الدولة، والتحريض على دولة إسرائيل والشعب اليهودي». ورغم أنّ «الزمن الباقي» لم يحظَ بأيّ دعم مادي من مؤسسات الاحتلال، إلا أنّ أورليف يهاجمه، موجهاً سهامه إلى الصالات التي قبلت بعرضه، فيما تتلقى دعماً من «لجنة أورليف للثقافة».

وقد توقّف في المقابل بعض النقاد في صحف الاحتلال، عند جودة الفيلم. فقد علّق أوري كلاين، الناقد السينمائي في «هآرتس»: «إنّه فيلم جميل جداً (...) يثبت أنّ سليمان تحوّل إلى فنان كبير، ومعلم يسيطر على أدوات فنه». أما جدعون ليفي، الصحافي المعروف بتغطيته المتواصلة للفلسطينيين والعرب في «هآرتس»، فكتب: «في 1948 غطينا أعين المعتقلين العرب بقماش الفانيلا وصرخنا عليهم بفظاظة «افتح الباب!» تماماً كما نفعل في 2010. لا جديد تحت سماء فلسطين وإسرائيل».

«من وظائف الفن أن يضحكنا. اليهود رووا النكات في الغيتوات، ولا بدّ من أن يفهموا لماذا يروي الفلسطينيون النكات في مخيمات اللاجئين»، يقول إيليا سليمان. لكن يبدو أنّه متفائل بعض الشيء، إذ لا أحد يضحك في إسرائيل اليوم!


(نُشرت المقالة في "الأخبار" اللبنانية)


الخميس، 11 فبراير 2010

ثرثرات فوق السور (4)

الرفيقة دُشة. أسنان على الطريق...


بالواسطة- 1


قد يصلح اسم الفيلم المعروف، "سكس، أكاذيب وفيديو تيب"، عنوانًا للتقرير الذي بثته القناة العاشرة الإسرائيلية، ليلة أمس، عن الفساد في السلطة الفلسطينية. فالسكس حاضر (رغم بشاعته الأخلاقية والجسدية)، والأكاذيب هنا والفيديو تيب في أبهى حلله: فيديو مخابرات سرية. لا أعتقد أنّ أحدًا تفاجأ ممّا يفعله لصوص أوسلو في الضفة الغربية، وكمية الفساد المتفشية في السلطة الفلسطينية، ولكنني تفاجأتُ حقًا بشهية رفيق الحسيني الجنسية المفتوحة على مصراعيها، رغم سنه المتقدمة؛ فالزلمي يدبو "موّيت" وها هو يلحق عضوه بجسارة وبطولة وصمود عزّ مثيله في انتفاضات الشعب الفلسطيني الباسل.

وقد كتب موقع القناة العاشرة أنّ أبا مازن هدد نتنياهو (في رسالة حامية) بأنه سيستقيل في حال بثّ التقرير عن أمين سرّه (الحامي). عفوًا؟ لماذا يبدو من هذه الرسالة أنّ أبا مازن أجير لدى بيبي يهدد المسؤول عنه بالاستقالة إذا لم يمارس سلطته على برنامج تلفزيوني؟ ما العلاقة؟ وهل يعتقد أبو مازن أنّ بيبي يريد حقًا بث التقرير وكشف فساد لصوصه؟ أكثر ما تتمناه إسرائيل سلطة فلسطينية معظم قباطنتها ممسوكون في أماكن حساسة (وحامية).

ما يثير اهتمامي حقًا هو مصير السيدة الشجاعة التي سمحت بتسجيل الحسيني الحامي في بيتها وتعاونها مع كاشف الفساد فهمي شبانة ومع المخابرات الفلسطينية. هل ستنجو هذه السيدة بجلدها؟ والسّؤال الذي لا يقلّ أهمية: لماذا يغضبون من الحسيني المنتصب لأنه رغب في أن ينكح سيدات المجتمع الفلسطيني؟ ألا ينكح هو وعصابته منذ أوسلو الشعب الفلسطيني في جميع ثقوبه؟؟ وبلا فيزالين؟!

بالواسطة- 2

اللي ما عندو واسطة لا يروح ولا ييجي. هذه هي النتيجة التي توصلتُ إليها اليوم بعد أن رفعنا أكم تلفون، أم الدُشة وأنا، كي نحاول تدبير دور لصورة أشعة للرفيقة دُشة، التي تنتق على الحيط الواقف. والقصة أنّ الطبيب وجّهنا إلى صورة أشعّة لمعدة الرفيقة دُشة التي تبخّ بخًا (من فوق ومن تحت)، وهكذا وجدت إم الدشة نفسها في مواجهة موظفة لا تفهم إلا بالتعليمات الجافة، ولا يهمها أنّ الرفيقة دُشة تتألم وتصرخ في الليل وتتلوى بين أيدينا. وبعد أن فشت إم الدشة غلها في الموظفة الحقيرة وأسمعتها رأيها بالضبط في بعض أعضاء عائلتها الحميمية، فشت غلها فيّ.

وهكذا شمّرتُ عن مهانتي، وبدأتُ حلقة اتصالات هدفها الوصول إلى الواسطة الأثخن في المستشفيات المجاورة، التي ستمكّننا من تصوير معدة الرفيقة دُشة قبل حلول حرب لبنان الثالثة. وبين أخذ وردّ، واتصال وسجال، وهادا بعرف هاد، وهايا بتعرف هاي، استطعنا الحصول على دور سريع بعد يومين- وهذا كما يعرف جميع الأهالي المنتظرين لصورة أشعة حدث جَلل لا ثانيَ له. ثم اتصل فاعل الخير (ربنا يوقفلو أي حاجة في أي حته) وقال إنه سيُدخلنا بشكل "بيراطي" (يعني: قرصنة) غدًا وليس بعد الغد، وهذا كرمال عين الحلوة (الاسم محفوظ في ملفات التحرير). بالواسطة صوّرنا معدة دشة، قبل نضوج العنب والتين، ومن حظنا أننا نعرف الناس التي يمكن أن تتوسط أو تكون حلقة في واسطة. إنها دولة واسطات حقيرة ومُنتنة. هل ستقولون إننا صرنا جزءًا من منظومة الواسطات؟ يبدو هذا على الأغلب، ولكنني مستعد للمحاكمة والتذنيب وتلقي حكم ثلاثة أشهر في خدمة الجمهور في مكتب النائب العائد غالب مجادلة، لو أنّ هذا سيوقف ألم دُشتي الباكية.

بعد قليل ستبدأ دُشة بتطليع أسنانها. حدا بعرف دكتور أسنان بمون في "رمبام"؟


بالواسطة- 3

قررتُ، بعد تخبطات دامت لسنوات، أن أقتني "بلاي ستيشن". فقد كنت خائفًا (ولا زلت) من إدماني عليها، لأنني سريع الإدمان على مختلف الأمور، والموقف محرج الآن بعد ولادة الدُشة وتكاليف الهاغيز وأبناء عمومته وأخواله وأنسبائهم وأقربائهم في البلاد والمهجر. لكنّ القرار تمّ، وقد تحمس عامر أخي أيضًا للفكرة وهو يبحث في هذه الأيام عن صفقة مجدية بشراء ماكنتين اثنتين من الطراز القديم (رقم 2) نستطيع تشغيل الألعاب "المدقوقة" (المزورة) عليهما من دون تأنيب ضمير (راجع بند: حق الشعوب التي خضعت للاستعمار في نسخ الألعاب وبرامج الحاسوب مجانًا حتى العام 2134).

هل من واسطة لمثل هذه الصفقة؟؟