ليس بوسعي الإشارةُ إلى اللحظة الحاسمة، الدقيقة، التي تحوّل فيها شراء طاولةٍ للمطبخ مع 4 كراسٍ إلى حلم يحتلّ سلم أولوياتي في هذه الأيام، إلى جانب هبة عكا الأخيرة والتصريح الأخير لغالب مجادلة، الوزير "المسلم" الأول في دولة اليهود، بأنه توجد عنصرية في إسرائيل! ولكنّ أم محمود، الحاكمة بأمر اللات والعُزة، تعاملتْ مع الفكرة من منطلق صِداميّ (طبعًا): "أنتَ تريد إخراجي من غرفة العمل في الشقة والإلقاء بي في المطبخ كي تخلو الغرفة لك"- ردّدَتْ بعد أربع ثوان من شرح حلمي الجديد لها، حلم الشعوب الثائرة، في الأقطار الهادرة.
لم أكن قررتُ بعدَ إستراتيجيتي التي يجب اتباعها بعد مثل هذه الجملة، لأنني توقعتُ أنها ستأتي بعد 24 ساعة على الأقل، حين تفتضح نواياي الحقيقية، حيث كنت أعتقد (يا للسّذاجة) أنها ستنعجق وتنهرق وتنزلق في المنحدر الزّلق الذي نصبتُه لها: فمنذ أول يوم من زواجنا (قبل أربع سنوات و22 يومًا وبعض الفتات) لم أقترح عليها يومًا شراء أية قطعة أثاث، بل كنتُ على العكس أناصب العداء لأية فكرة تطرحها (مرة في الأسبوع) لشراء قطعة أثاث جديدة، بالحجّة المقنعة جدًا لأيّ رجل سَويّ: نحن نسكن بالإيجار وعندما يفتحها المولى علينا وعلى عباده الصالحين سنشتري بيتًا وسنؤثثه بما لذّ وطاب من أطايب "إيكيا"، كرم الله وجهها.
ما يهمّني ويهمّ جماهير شعبنا الصامدة في هذا السياق هو تضعضع حلمي بشراء طاولة للمطبخ، خشبية، صغيرة، متواضعة، قبل هذه الأزمة الحارقة. فإم محمود عارضت بشدّةٍ فكرة أن نشتري شرشفًا بسيطًا لطاولة المطبخ البسيطة، حيث أنني ادّعيتُ (بكلّ المنطق) أنها تحتلّ زاوية حميمية خبيئة في مطبخنا الصغير، بعيدة عن واجهة البيت الرئيسية المغطاة بالشراشف والمخدات والبطانيات والعمامات، والمرايا والتكايا والثريات، الملونات والمزركشات، وانبرتْ هائجة: أنا بختار الشرشف! من خلال تجربتي العريقة معها علمتُ أنّ الشرشف الذي يليق بسعادة طاولة المطبخ العتيدة سيكلف نفس سعر الطاولة وكراسيها الأربع، والطامة الطامة إذا قررتْ شراء شرشفيْن، أحدهما احتياطيّ -وبنظرها لازم- لأنني أترك ورائي سيلا مُنهمرًا من البقع الزيتية وآثار الطبيخ الكثيرة على الشرشف والكرسي وبلوزتي (الأمر الذي يعود في نظرها إلى سببيْن لا ثالث لهما: أنني رجل وأنني فلاح).
وهكذا دبّ الذعرُ في حسابي البنكيّ الذي لم يتعافَ من تخطّيه لإطار "الرصيد الدّائن" (كريديت) إلا قبل يوميْن اثنيْن، ورأيتُ في خاطر روحي كيف يرتفع منسوب الدّيْن ثانية في حسابي السلبيّ الأزليّ، فبدت لي فكرة شراء الطاولة وكراسيها الأربع كابوسًا ثقيلا، أعتقد أنه جزء من مؤامرة صهيونية يحيكها المستوطنون اليهود في عكا، كجزء من مخطط تطهير عكا العربية من الطاولات المطبخية.
ولكنّ الأزمة تطوّرت إلى ما هو أبعد وأخطر على قضايا أمّتنا (لا بدّ من الاتصال بالرفيق عبد عنبتاوي، مدير لجنة المتابعة، لعقد اجتماع طارئ للّجنة في مطبخنا): فقد انقلب السّحر على السّاحر، وبادرت إم محمود إلى اقتراح أخطبوطيّ جديد، شبيهٍ بمخططاتها الدائمة المُحكَمة في السيطرة على منافذ الهواء والماء في حيّز حياتنا المشتركة (عذرًا على استخدام كلمة "حيّز"- أعرف أنه يغيظ بشكل خاص الرفيق أيمن عودة). فقد اقترحتْ، بمزيج من البراءة/ التّساذج/ الحسم/ التصميم/ الخباثة، يعرفه جميع الرجال المتزوّجون، بأن أنتقل أنا، حضرة جنابي، الكاتب المثير لشيوخ الحركات الإسلامية، إلى المطبخ كي أطبع إبداعاتي التاريخية في اللابتوب الديناصوريّ الأسود، بينما تحتلّ هي غرفة العمل في شقتنا المتواضعة، كي تدرس للّقب الثاني، كما يليق بمحامية لامعة مثلها.
كانت هذه ضربة بالحزام تحت الحزام، ووجدتُ نفسي أتقهقر من موقع المتآمر الذكيّ المتشاطر إلى موقع المُدافع عن آخر مراكزه المعتبرة في الشقة: غرفة العمل. فأيّ كاتب هذا لا يمون على غرفة عمله في بيته (خاصة أنه عاطل عن العمل)، مع العلم أنني لا أمون على شيء آخر، والعزاء طبعًا، بيني وبين نفسي وبين الأصدقاء المتزوّجين، أنني أمون على غرفة العمل، فهي لي، أي نعم لي!
وأذكر أنني كنتُ في الأيام الغابرة سيد غرفة العمل، أحتلّ جنباتها بكتبي وأوراقي وحاسوبي، أصول وأجول وأسرح، بلا حسيب ولا رقيب، آمر وأنهي، أروح وأجيء، أجيء وأروح في مملكتي الخاصة، أكوّم الأوساخ فيها بلا حساب، أتجشأ متى أردت، أستريح من الغازات الباطنية كيفما رغبت. وبعد مضيّ ثلاث ساعات ونيّف من بدء حياتنا الزوجية فهمتُ أنني خسرت المعركة على البيت، بلا احتراب ولا قتال (تفو عالرجال!)، وهكذا لم تدُم الزبدة على (مؤخرات) العرب، ووجدتُ نفسي منذ سنوات أقاوم بكلّ ما أوتيت من قوة لخطط تغيير ترتيب المكتبات والكراسي في غرفة العمل، كي تلائم جلوسي وجلوس الأخوة الأعداء في تعايش مُثير لفخر رئيس الدولة، شمعون بيرس، الذي يعمل على دوراسيل. صحيح أنّ خطة تغيير ترتيب الغرفة كانت منطقية، حسبما اقترحت مارغريت تاتشر العكّية، وأنها ستوفر جوًا مُريحًا للاثنين للعمل فيها، إلا أنني حاربتُها بضراوة (نسبية، طبعًا نسبية)، وصرتُ لحوالي الشهريْن كالذي قال عنه المثل العربي العريق: "الجقارة بطيزي، بشخّ بلباسي".
ولكنّ الحتمية التاريخية فعلت فعلها (يتسخّم ماركس!)، ووجدتُ نفسي أتأقلم مع اقتراحات "التصميم الداخلي" الجديدة وأرضخ لها صاغرًا (كأننا نحن الرجال بهائم لا نفهم بالتصميم الداخلي، فنتصاغر دومًا أمام نظرات النساء التي تدبّ في أجسادنا شعورًا بالنقص لا يُمّحى: "كيف بدك حبيبتي"). فصرتُ، أنا وطاولتي وأوراقي وحاسوبي وطابعتي، عبئًا على الغرفة، يثير تأفف بلقيس، ملكة ساحة عرفة، في دخولها وخروجها من الغرفة، والعار العار إذا اكتشفتْ أنني لا أعيد كتابًا إلى مكانه أو لا أعيد كوب القهوة بعد الانتهاء من شرب قهوتي الفلترية إلى المطبخ وأجليه في أكثر من 60 ثانية (الآن، استعداد: إنطلق!).
وهكذا وجدتُ نفسي، مؤخرًا، جالسًا إلى طاولة الصالة الكبيرة (المتهالكة)، داحشًا نفسي بين حائط الصالة وبين الطاولة المطروحة في الممرّ المُتاح بين مدخل الشقة وطقم الصالون الأسود، مُحتضنًا حاسوبيَ النقال بقوّة كي لا يقع على الأرض إذا أتيتُ بحركة مفاجئة تسحب كابله الكهربائيّ الملفوف حول كرسيّ بسبب ضيق المساحة. وقد اسودّت الدنيا في عيني حين خطر في بالي خاطر طارئ: هنا سأقضي ما تبقى من حياتي، مدحوشًا في هذه الفسحة، وسيجدونني ميتًا بعد حين، قرب طاولة الصالة الكبيرة، وقد التفّ كابل الكهرباء الحاسوبيّ حول رقبتي وأنا عالق في الهواء بين الطاولة والأرض، وسبابتي تشير بعنفوان عنيف نحو صورة "كليوبترا الأسوار"، في خطاب صامت عرمرم سيُعَنونه لا شكّ الصديق فراس خطيب في الكتيّب الذي سيحرّره لذكرى أربعيني: "حليحل يتهم!" (وسيناقشه وائل واكيم، الصديق المصمم، ببرود راماوي قاتل: بنفعش العنوان كلمة وحده؟؟).
هكذا تحوّل الحلم إلى كابوس، وهكذا وجدتُ نفسي الليلة، محشورًا بين الطاولة والحائط في الصالة، أكتب حشرجات حلمي المتواضع بطاولة صغيرة حقيرة للمطبخ، ألقي بأم محمود وأوراقها عليها، بينما أعود سيدًا لغرفة العمل والكتابة، أجلس طيلة اليوم متصفّحًا لمواقع الإنترنت ومشغولا بالتشات والشتات، مُحمّلا ربّ الدنيا ألف "جميلة" بأنني أكتب رواية عصماء، فأرجوكم الصمت!
"لا تصالح!" وجدتُ نفسي أتمتم وأنا أصرخ على صورة أم محمود في الحاسوب؛ "لا تصالح"، إلا إذا قبلتْ بوضع طاولة المطبخ التي سأجلس إليها في الجهة المقابلة للثلاجة، واشترت شرشفًا لها بسعر رخيص. هذه هي شروطي، وإلا:
لا صلح؛
لا اعتراف؛
لا تفاوض!
لم أكن قررتُ بعدَ إستراتيجيتي التي يجب اتباعها بعد مثل هذه الجملة، لأنني توقعتُ أنها ستأتي بعد 24 ساعة على الأقل، حين تفتضح نواياي الحقيقية، حيث كنت أعتقد (يا للسّذاجة) أنها ستنعجق وتنهرق وتنزلق في المنحدر الزّلق الذي نصبتُه لها: فمنذ أول يوم من زواجنا (قبل أربع سنوات و22 يومًا وبعض الفتات) لم أقترح عليها يومًا شراء أية قطعة أثاث، بل كنتُ على العكس أناصب العداء لأية فكرة تطرحها (مرة في الأسبوع) لشراء قطعة أثاث جديدة، بالحجّة المقنعة جدًا لأيّ رجل سَويّ: نحن نسكن بالإيجار وعندما يفتحها المولى علينا وعلى عباده الصالحين سنشتري بيتًا وسنؤثثه بما لذّ وطاب من أطايب "إيكيا"، كرم الله وجهها.
ما يهمّني ويهمّ جماهير شعبنا الصامدة في هذا السياق هو تضعضع حلمي بشراء طاولة للمطبخ، خشبية، صغيرة، متواضعة، قبل هذه الأزمة الحارقة. فإم محمود عارضت بشدّةٍ فكرة أن نشتري شرشفًا بسيطًا لطاولة المطبخ البسيطة، حيث أنني ادّعيتُ (بكلّ المنطق) أنها تحتلّ زاوية حميمية خبيئة في مطبخنا الصغير، بعيدة عن واجهة البيت الرئيسية المغطاة بالشراشف والمخدات والبطانيات والعمامات، والمرايا والتكايا والثريات، الملونات والمزركشات، وانبرتْ هائجة: أنا بختار الشرشف! من خلال تجربتي العريقة معها علمتُ أنّ الشرشف الذي يليق بسعادة طاولة المطبخ العتيدة سيكلف نفس سعر الطاولة وكراسيها الأربع، والطامة الطامة إذا قررتْ شراء شرشفيْن، أحدهما احتياطيّ -وبنظرها لازم- لأنني أترك ورائي سيلا مُنهمرًا من البقع الزيتية وآثار الطبيخ الكثيرة على الشرشف والكرسي وبلوزتي (الأمر الذي يعود في نظرها إلى سببيْن لا ثالث لهما: أنني رجل وأنني فلاح).
وهكذا دبّ الذعرُ في حسابي البنكيّ الذي لم يتعافَ من تخطّيه لإطار "الرصيد الدّائن" (كريديت) إلا قبل يوميْن اثنيْن، ورأيتُ في خاطر روحي كيف يرتفع منسوب الدّيْن ثانية في حسابي السلبيّ الأزليّ، فبدت لي فكرة شراء الطاولة وكراسيها الأربع كابوسًا ثقيلا، أعتقد أنه جزء من مؤامرة صهيونية يحيكها المستوطنون اليهود في عكا، كجزء من مخطط تطهير عكا العربية من الطاولات المطبخية.
ولكنّ الأزمة تطوّرت إلى ما هو أبعد وأخطر على قضايا أمّتنا (لا بدّ من الاتصال بالرفيق عبد عنبتاوي، مدير لجنة المتابعة، لعقد اجتماع طارئ للّجنة في مطبخنا): فقد انقلب السّحر على السّاحر، وبادرت إم محمود إلى اقتراح أخطبوطيّ جديد، شبيهٍ بمخططاتها الدائمة المُحكَمة في السيطرة على منافذ الهواء والماء في حيّز حياتنا المشتركة (عذرًا على استخدام كلمة "حيّز"- أعرف أنه يغيظ بشكل خاص الرفيق أيمن عودة). فقد اقترحتْ، بمزيج من البراءة/ التّساذج/ الحسم/ التصميم/ الخباثة، يعرفه جميع الرجال المتزوّجون، بأن أنتقل أنا، حضرة جنابي، الكاتب المثير لشيوخ الحركات الإسلامية، إلى المطبخ كي أطبع إبداعاتي التاريخية في اللابتوب الديناصوريّ الأسود، بينما تحتلّ هي غرفة العمل في شقتنا المتواضعة، كي تدرس للّقب الثاني، كما يليق بمحامية لامعة مثلها.
كانت هذه ضربة بالحزام تحت الحزام، ووجدتُ نفسي أتقهقر من موقع المتآمر الذكيّ المتشاطر إلى موقع المُدافع عن آخر مراكزه المعتبرة في الشقة: غرفة العمل. فأيّ كاتب هذا لا يمون على غرفة عمله في بيته (خاصة أنه عاطل عن العمل)، مع العلم أنني لا أمون على شيء آخر، والعزاء طبعًا، بيني وبين نفسي وبين الأصدقاء المتزوّجين، أنني أمون على غرفة العمل، فهي لي، أي نعم لي!
وأذكر أنني كنتُ في الأيام الغابرة سيد غرفة العمل، أحتلّ جنباتها بكتبي وأوراقي وحاسوبي، أصول وأجول وأسرح، بلا حسيب ولا رقيب، آمر وأنهي، أروح وأجيء، أجيء وأروح في مملكتي الخاصة، أكوّم الأوساخ فيها بلا حساب، أتجشأ متى أردت، أستريح من الغازات الباطنية كيفما رغبت. وبعد مضيّ ثلاث ساعات ونيّف من بدء حياتنا الزوجية فهمتُ أنني خسرت المعركة على البيت، بلا احتراب ولا قتال (تفو عالرجال!)، وهكذا لم تدُم الزبدة على (مؤخرات) العرب، ووجدتُ نفسي منذ سنوات أقاوم بكلّ ما أوتيت من قوة لخطط تغيير ترتيب المكتبات والكراسي في غرفة العمل، كي تلائم جلوسي وجلوس الأخوة الأعداء في تعايش مُثير لفخر رئيس الدولة، شمعون بيرس، الذي يعمل على دوراسيل. صحيح أنّ خطة تغيير ترتيب الغرفة كانت منطقية، حسبما اقترحت مارغريت تاتشر العكّية، وأنها ستوفر جوًا مُريحًا للاثنين للعمل فيها، إلا أنني حاربتُها بضراوة (نسبية، طبعًا نسبية)، وصرتُ لحوالي الشهريْن كالذي قال عنه المثل العربي العريق: "الجقارة بطيزي، بشخّ بلباسي".
ولكنّ الحتمية التاريخية فعلت فعلها (يتسخّم ماركس!)، ووجدتُ نفسي أتأقلم مع اقتراحات "التصميم الداخلي" الجديدة وأرضخ لها صاغرًا (كأننا نحن الرجال بهائم لا نفهم بالتصميم الداخلي، فنتصاغر دومًا أمام نظرات النساء التي تدبّ في أجسادنا شعورًا بالنقص لا يُمّحى: "كيف بدك حبيبتي"). فصرتُ، أنا وطاولتي وأوراقي وحاسوبي وطابعتي، عبئًا على الغرفة، يثير تأفف بلقيس، ملكة ساحة عرفة، في دخولها وخروجها من الغرفة، والعار العار إذا اكتشفتْ أنني لا أعيد كتابًا إلى مكانه أو لا أعيد كوب القهوة بعد الانتهاء من شرب قهوتي الفلترية إلى المطبخ وأجليه في أكثر من 60 ثانية (الآن، استعداد: إنطلق!).
وهكذا وجدتُ نفسي، مؤخرًا، جالسًا إلى طاولة الصالة الكبيرة (المتهالكة)، داحشًا نفسي بين حائط الصالة وبين الطاولة المطروحة في الممرّ المُتاح بين مدخل الشقة وطقم الصالون الأسود، مُحتضنًا حاسوبيَ النقال بقوّة كي لا يقع على الأرض إذا أتيتُ بحركة مفاجئة تسحب كابله الكهربائيّ الملفوف حول كرسيّ بسبب ضيق المساحة. وقد اسودّت الدنيا في عيني حين خطر في بالي خاطر طارئ: هنا سأقضي ما تبقى من حياتي، مدحوشًا في هذه الفسحة، وسيجدونني ميتًا بعد حين، قرب طاولة الصالة الكبيرة، وقد التفّ كابل الكهرباء الحاسوبيّ حول رقبتي وأنا عالق في الهواء بين الطاولة والأرض، وسبابتي تشير بعنفوان عنيف نحو صورة "كليوبترا الأسوار"، في خطاب صامت عرمرم سيُعَنونه لا شكّ الصديق فراس خطيب في الكتيّب الذي سيحرّره لذكرى أربعيني: "حليحل يتهم!" (وسيناقشه وائل واكيم، الصديق المصمم، ببرود راماوي قاتل: بنفعش العنوان كلمة وحده؟؟).
هكذا تحوّل الحلم إلى كابوس، وهكذا وجدتُ نفسي الليلة، محشورًا بين الطاولة والحائط في الصالة، أكتب حشرجات حلمي المتواضع بطاولة صغيرة حقيرة للمطبخ، ألقي بأم محمود وأوراقها عليها، بينما أعود سيدًا لغرفة العمل والكتابة، أجلس طيلة اليوم متصفّحًا لمواقع الإنترنت ومشغولا بالتشات والشتات، مُحمّلا ربّ الدنيا ألف "جميلة" بأنني أكتب رواية عصماء، فأرجوكم الصمت!
"لا تصالح!" وجدتُ نفسي أتمتم وأنا أصرخ على صورة أم محمود في الحاسوب؛ "لا تصالح"، إلا إذا قبلتْ بوضع طاولة المطبخ التي سأجلس إليها في الجهة المقابلة للثلاجة، واشترت شرشفًا لها بسعر رخيص. هذه هي شروطي، وإلا:
لا صلح؛
لا اعتراف؛
لا تفاوض!
هناك 4 تعليقات:
http://www.ace.co.il/files/31.10.08.pdf
معك لحد 6/11/08...سارع في الشراء واحنا منشتغل على ام محمود
اهاها على هل ايام
ما أسخفك و لاأتفهك
سبحان اللي خلا الحمير العرجا تكتب
على فكرة بقترح تشتري حمارة تحطها في نص البيت كل ما تنهق حتصورلك فكرة محميرة جديدة تكتب فيها
مجددا ما أتفهك و لا أسخفك
رهيب يا علاء. أستمتع جداً بقراءة كتاباتك وخاصة هذه!خسارة أنك لا تكتب في فصل المقال وأرجو أن تعود. لا تأبه بكل السخفاء والمتخلفين الذين ينتقدونك حقداً أو غيرة
إرسال تعليق